جزيرة كريت تكافح تحت ضغط الهجرة مع زيادة الوافدين عبر الجنوب
جزيرة كريت تكافح تحت ضغط الهجرة مع زيادة الوافدين عبر الجنوب
تواصل جزيرة كريت اليونانية مواجهة موجات متزايدة من الهجرة غير النظامية، بعد وصول أعداد كبيرة من المهاجرين إلى سواحلها خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، في مشهد يعكس تحولا واضحا في مسارات الهجرة عبر شرق ووسط البحر المتوسط، وأصبحت الجزيرة، إلى جانب جافدوس وجزر الجنوب، نقطة استقبال رئيسية للمهاجرين القادمين عبر طرق بحرية محفوفة بالمخاطر.
أعلنت السلطات اليونانية، الأحد، أن فرق خفر السواحل رصدت 545 مهاجرا جنوب شرق جزيرة جافدوس، حيث جرى إنقاذهم بمشاركة وكالة فرونتكس الأوروبية المكلفة بمراقبة الحدود، ونقل المهاجرون لاحقا بواسطة حافلات إلى موقع كيترينوي في منطقة ريثيمنو، وسط إجراءات أمنية وتنظيمية مشددة للتعامل مع هذا العدد الكبير من الوافدين في فترة زمنية قصيرة وفق شبكة "يورو نيوز".
عمليات ليلية إضافية
بعد ساعات قليلة من العملية الأولى، نفذت السلطات عمليتي إنقاذ جديدتين خلال الليل، ووقعت إحداهما على بعد 45 ميلا بحريا جنوب شرق منطقة كاليس ليميني، حيث رصدت دورية لخفر السواحل قاربا يقل 27 شخصا كانوا يواجهون مخاطر حقيقية في عرض البحر، وتعكس هذه العمليات المتتالية حجم الضغط المتزايد على أجهزة الإنقاذ اليونانية في جنوب البلاد.
تشير التقديرات الأولية إلى أن شهر ديسمبر وحده شهد وصول أكثر من 1000 مهاجر إلى سواحل جزيرة كريت، وهو رقم يعكس تصاعدا ملحوظا مقارنة بالأشهر السابقة،ويثير هذا الارتفاع مخاوف السلطات المحلية من تحديات إنسانية ولوجستية، خاصة مع محدودية مراكز الاستقبال والإيواء في الجزيرة.
أرقام وطنية متراجعة
رغم الضغط الذي تشهده جزيرة كريت، تُظهر البيانات الرسمية تراجعا في إجمالي أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين دخلوا اليونان خلال عام 2025، فبين بداية العام ونهاية أكتوبر، سجل دخول نحو 39,495 شخصا بطريقة غير شرعية، بانخفاض نسبته 18% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، التي شهدت وصول 48,415 شخصا، غير أن هذا التراجع العام يخفي تغيرا جغرافيا في مسارات الهجرة، حيث بات الجنوب اليوناني أكثر استهدافا من قبل شبكات التهريب.
تحول في طرق التهريب
تشير مصادر أمنية إلى أن جافدوس وكريت وجزرا أخرى في جنوب اليونان أصبحت الوجهة المفضلة الجديدة للمهربين، مستفيدين من بعدها النسبي عن نقاط الرقابة التقليدية في بحر إيجه، ومن صعوبة المراقبة المستمرة لمساحات بحرية واسعة، ويصل معظم المهاجرين إلى هذه الجزر عبر قوارب صغيرة ومتهالكة، ما يزيد من مخاطر الغرق والحوادث البحرية.
على مستوى دول جنوب أوروبا، تظهر صورة متباينة للهجرة غير النظامية خلال عام 2025. ففي إيطاليا، استقرت الأعداد تقريبا، حيث وصل 65,642 مهاجرا حتى الآن، مقارنة بـ 65,471 مهاجرا خلال عام 2024، ووفقا للأرقام الرسمية الصادرة في ديسمبر، انخفض عدد الوافدين في هذا الشهر من 3,080 في 2024 إلى 2,336 في 2025.
أما إسبانيا، فقد سجلت تراجعا أكثر وضوحا، إذ أظهرت الإحصاءات تباطؤا بنسبة 44.3%، وبلغ عدد الوافدين غير الشرعيين بين 1 يناير و15 ديسمبر 32,212 شخصا، مقابل 57,833 خلال الفترة نفسها من عام 2024، وهو ما يعكس تشديدا في الرقابة وتغيرا في طرق العبور.
ضغوط إنسانية متزايدة
في كريت، لا تقتصر التحديات على الجانب الأمني، بل تمتد إلى البعد الإنساني، فالمهاجرون الذين يتم إنقاذهم يحتاجون إلى رعاية صحية عاجلة، ومأوى مؤقت، وإجراءات تسجيل وفحص تستغرق وقتا طويلا. وتخشى السلطات المحلية أن يؤدي استمرار التدفق إلى إنهاك الموارد المتاحة، خاصة في فصل الشتاء حيث تتدهور الأحوال الجوية وتزداد المخاطر البحرية.
تعد الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط إحدى أبرز القضايا التي تواجه الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من عقد، مع تغير مستمر في المسارات تبعا للتشديد الأمني والظروف الجيوسياسية في دول المصدر والعبور، وفي السنوات الأخيرة، أدى تشديد الرقابة في بحر إيجه والحدود البرية إلى دفع شبكات التهريب نحو المسارات الجنوبية، بما في ذلك ليبيا وشرق المتوسط وصولا إلى جزر اليونان الجنوبية، ورغم تراجع الأرقام الإجمالية في بعض الدول خلال 2025، فإن الضغط يظل قائما على نقاط محددة مثل كريت، ما يعكس أن أزمة الهجرة لا تزال بعيدة عن الحل، وتحتاج إلى مقاربة أوروبية شاملة تجمع بين البعد الأمني والاستجابة الإنسانية والتعاون مع دول الجوار.











